مثال لقاعدةِ المطالعِ والمجاري في سورة الإسراء
وصف للمقطع

في سورة الإسراء:

والَّتي تُسمَّى أيضاً بسورةِ بني إسرائيل، سأذهبُ إلى موطن الحاجةِ فقط طلباً للاختصارِ والإيجاز.

في الآيةِ الرابعةِ بعد البسملةِ من سورة الإسراء: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِيْ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيْرَاً﴾، إلى آخر الآيات الَّتي تتحدَّثُ في هذا الموضوع.

بحسبِ قاعدةِ المطالعِ والمجاري وهي أُمُّ القواعدِ التفسيريّةِ بحسبِ المنهج العلويّ لا شأن لي بمنهجِ سقيفةِ بني ساعدة في التفسير وأبرأُ إلى الحُجَّةِ بن الحسن منه، ولا شأن لي بمنهجِ حوزة الطوسي حوزة النَّواجفِ الشوافع المعتزلة القطبيين، لا شأن لي بمنهجهم الأخرقِ في التفسير، وأبرأُ إلى الحُجَّةِ بنِ الحسن منه ابتداءً من طوسيّهم وانتهاءً بسيستانيّهم واستمراراً إلى القادمين الآتين بعد سيستانيّهم، لا شأن لي بكُلِّ هُرائهم هذا.

قاعدةُ المطالعِ والمجاري؛ هي أمُّ القواعدِ التفسيريّةِ بحسبِ المنهج العَلَويّ، فمثلما الهلالُ لهُ مطالع في اليومِ الأوّلِ، في اليوم الثاني، في اليوم الثالثِ، ويرى ما يَرى الناسُ من مطالعهِ في كُلِّ يومٍ بحسبهِ، يتكاملُ ثُمَّ يتناقصُ، وهكذا تجري الأمورُ معَ الشَّمس في يومها منذُ بداية شروقها إلى غروبها، فالقُرآنُ بحسبِ قاعدة المطالعِ والمجاري يجري مجرى الشَّمسِ والقَمر، مجرى الليلِ والنهار.

أعودُ إلى سورة الإسراء: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيْلَ فِيْ الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِيْ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيْرَاً﴾، قطعاً في مطلعٍ من مطالعها فإنَّ الحديث عن بني إسرائيل عن اليهود، وهذا أمرٌ واضحٌ ولا حاجة للنقاشِ فيه وقد تحدَّثتُ عن هذهِ الآياتِ فيما سلف من حلقاتِ هذا البرنامج فيما يرتبطُ بفلسطين وباليهود.

لكنَّني في هذهِ الحلقةِ أشيرُ إلى مطلعٍ آخر من مطالعِ هذهِ الآية، ولن أذهب في التفاصيل.

في الكافي:

في الجزء الثامن من الكافي الشريف/ طبعةُ دار التعارف/ بيروت - لبنان/ صفحة 170/ رقم الحديث 250: بِسَندهِ - بسند الكليني - عَن عَبدِ الله بنِ القَاسِم البَطل، عَن إِمَامِنا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ وسَلامهُ عَليه فِي قَولِهِ تَعَالَى: "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِيْ الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِيْ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ" - ماذا قال الصادقُ؟ - قَتْلُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِب وَطَعْنُ الحَسَن.

﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾، لا شأن لي بمنهجِ نواصب السقيفةِ في التفسير، ولا شأن لي بمنهجِ نواصبِ النَّجفِ في التفسير، هذا تفسيرُ عليٍّ وآلِ عليٍّ الَّذي بايعنا عليهِ في بيعة الغدير، وهذهِ ليلةُ عيدِ بيعة الغدير.

"وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً"؛ قَالَ: قَتْلُ الحُسَين.

الروايةُ تستمرُّ في هذهِ البيانات لكنَّني أقفُ عندَ هذَا الحد لأنَّني لا أريدُ أن أسهِب في تفاصيلِ ما جاءَ في هذهِ الرواية الشريفة.

هذا المضمونُ لم يَرِد في الكافي فقط ورد في العديد من مصادرنا الأصليّةِ القديمة؛ في (كامل الزيارات) أيضاً وردَ الكلامُ فيه، طبعةُ مكتبة الصدوق، طهران، إيران، في الباب الثامنِ بعد العاشر، في الصفحة الستين الحديثُ الأول: بِسنَدهِ، عَن صَالِح بنِ سَهل، عَن إِمَامِنا الصَّادِقِ صَلواتُ اللهِ عَلَيْه - فِي الآيَةِ نفسها – "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ"؛ قَالَ: قَتْلُ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِين وَطَعْنُ الحَسَن بنِ عَلِيّ، "وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً"؛ قَتْلُ الحُسَينِ بنِ عَليّ - إلى بقيَّةِ ما جاء في الروايةِ الشريفة.

أعودُ إلى المصحف الشريف:

إذا واصلنا القراءة في هذهِ الآيات حتَّى نصل إلى الآيةِ الثامنةِ بعد البسملةِ من سُورة الإسراء، ماذا جاء فيها؟ ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾، الآيةُ تُشيرُ إلى أنَّ القوم سيعودون إلى ما فعلوْا، فمثلما قتلوْا عليَّاً سيقتلون عليَّاً مرَّةً أخرى، ومثلما قتلوْا حُسيناً سيقتلون حُسيناً مرَّةً أُخرى، قطعاً هذا السياقُ بحسبِ المطلع الَّذي قرأتهُ عليكم قبل قليلٍ من روايةِ الجزء الثامنِ من الكافي ومن روايةِ كاملِ الزيارات، الآياتُ لها مطالعُ ومجاري بحسبِ قاعدة المطالعِ والمجاري، هذا مطلعٌ من مطالعِ هذهِ الآية.

الآيةُ قالت: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾، لِمَ لم تقل الآيةُ من أنَّكم ستعودون؟ بحسبِ ما عندنا من الأحاديثِ فإنَّ الآية الرابعة بعد البسملةِ من سورة الإسراء تحدَّثت عن قتل الأميرِ وطعن الحسنِ، وطعنُ الحسنِ وصل إلى قتلهِ بعد ذلك، وتحدَّثت عن قتل الحُسينِ، لكنَّهم حينما سيعودون سيعودون لقتلِ عليٍّ ولقتل الحُسينِ، لم تتحدَّث الرواياتُ عن قتل إمامنا المجتبى، ومن هنا فإنَّ الصيغةَ جاءت مشروطةً: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾، إِنْ عُدتُّم لقتل عليٍّ عُدنا، وإنْ عُدتُّم لقتلِ حُسينٍ عُدنا، والإشارةُ العظمى والكبرى لقتلِ حسينٍ، لماذا؟

لأنَّ الآية الرابعةَ أشارت بتعبيرٍ خاصٍّ حينَ قالت: ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيْرَاً﴾، والآيةُ تتحدَّثُ هنا عن قتل الحُسَين.

قطعاً حينما تأتي الآيةُ الثامنةُ بعدَ البسملةِ من سورة الإسراء فتقول: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾، فإنَّها إمَّا أن تكونَ ناظرةً فقط إلى هذهِ الجهة، وإمَّا أن تكونَ ناظرةً بالدرجةِ الأولى وبالأهميَّةِ القصوى لهذهِ الجهة لمقتلِ الحُسينِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه.

الَّذي جاءَ التعبيرُ عنه بنحوٍ مخصوصٍ في الآية: ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾، حينَ كانَ الحديثُ فيما يرتبطُ بأمير المؤمنين وبالحسنِ المجتبى.

المجموع :2592

العنوان الطول روابط البرنامج المجموعة الوثاق